jeudi 1 septembre 2011

مصنع الفولاذ ثلاثة في واحد

ارتبط اسم مصنع الفولاذ باسم مدينة منزل بورقيبة منذ الستينات حتى أن عديد المعلقين الرياضيين عندما ينقلون مباريات الملعب الافريقي يقولون دائما عاصمة الفولاذ
ان كنت قادما من تونس او من بنزرت أو من ماطر لا يترك لك الهيكل الضخم للمصنع لترى شيئا آخر من الوهلة الأولى الا شبحه و هو جاثم كالمارد غير القابل للترويض وكأنك به يأكد أنه لن يتزحزح من مكانه مهما فعلت 
لامني صديق لي بكل لطف عن سبب استعمالي صور الفولاذ والتي كانت مخصصة لهذا المقال في مقال آخر وهو الذي ظن أنني سأكتفي ببذلك القدر من الحديث عن الفولاذ فأجبته بأن ذلك لم يكن سوى اشارة بسيطة وها أنني أباشر الموضوع وسأبدا من حيث انطلقت الحكاية
دعاني اذا صديقي هذا في اطار حملة تحسيسية حول المخاطر البيئية بمنزل بورقيبة وهو رئيس الجمعية التونسية للصحة والبيئة ولست أنا من سيبين حبه لمنزل بورقيبة اذ أنه كما قال لي يسخر 90 بالمائة من وقت فراغه لمنزل بورقيبة وصلت أمام مقر البلدية مع الساعة الخامسة في أواخر أيام رمضان وكان هو وسيدة أخرى في الانتظار وبعد تجاوز الخامسة بعشر دقائق ركبنا سيارته رباعية الدفع وانطلقنا باتجاه روندو أين انعطف صديقي يمينا وهي لعمري المرة الأولى التي أسلك فيها ذلك الطريق مع أنني أمر يوميا على بعد أمتار من ذلك المنعطف اّذ أعمل في مكان قريب ولم يخطر ببالي أن المكان يحمل عديد المفاجئات 
بدأ محدثنا بسرد مفارقة غريبة نسبيا الا أنها قادمة لا محالة خصوصا وأنه لا مبادرة رسمية في الأفق للخروج من عنق الزجاجة المفارقة تتمثل في أن الفولاذ لن يجد مكانا ليضع فيه الفضلات المعدنية في غضون 5 أو 10 سنوات فأين تراه سيضعها ؟ ربما سيستحوذ على جبل سيدس يحيى أو الأربعين؟؟ بما أنه استحوذ و دون وجه حق على السبخة اي القرعة  والتي مثلها مثل بحيرة اشكل الآن كانت ملاذا للطيور المهاجرة والتي هجرت منزل بورقيبة فعلا هذا اضافة الى الفضلات من الآميونت وهي مادة مسرطنة لا يختلف حولها عاقلان والمارد العملاق يلفظها من بطنه ليصبها في الأرض
هذا واحد من ثلاثة أما الأمر الثاني فهو البحر وقصة منزل بورقيبة مع البحر وخاصة قنقلة وروندو فلولا تواجد المدينة على ضفاف البحر لكانت قصتها مغايرة تماما حيث ان المؤرخين يؤكدون أن الشيئ الذي دعا فرنسا الى بعث المجمع البحري والمعروف ب الارسنال كان لذلك السبب كما أن السيد روندو كان له الفضل في انشاء أول بحر أو ربما الوحيد في تونس أين تدفع النقود لكي تسبح فيه وكان مركبا ترفيهيا تام الشروط واليوم ماردنا يصب فيه من الأحماض ما لا يقبله عقل ولا قانون متحديا بذلك كل المواصفات الوطنية والعالمية ولنا الدليل على ما نقول فالتحاليل المبدئية والتي قامت بها الجمعية تبين ان نسببة الحموضة في البحر لا تتجاوز 2.2 والقانون في تونس يحتم أن لا تقل النسبة عن 6.6  و  التسعة درجات حسب أمر وزارة الاقتصاد والمؤرخ في 20 جويلية 1989  
المارد الأحمر نسبة لما يلفظه في الماء من جزئيات له موضعين لا خراج سمومه الأول الذي تحدثنا عنه والثاني والذي يقال انه مطابق للمواصفات بما أنه يقع معالجة السوائل بالجير المضاد للأكسدة وهوالذي يخفف من وطاة مفعوله على البحر الا أن الجير المذكور وبعد القيام بدوره يقع سكبه هو الآخر في البحر وهنا كأن شيئا لم بكن
ثالث الأمور هو أن الفولاذ لم يترك لنا حتى الهواء لنتفسه و صحيح أن تسعين بالمائة من الجزيئات المحمولة في الهواء تذهب الى منطقة ام هاني الا ان أم هاني ليست الا تابعة لمنزل بورقيبة و العشرة بالمائة المتبقية تصل منزل بورقيبة وهي في حد ذاتها كارثة فالاحصائيات تشير الى ارتفاع مريب جدا لحالات الاصابة بلأمراض التنفسية وحالات الحساسية في الجهاز التنفسي
أظنكم الآن فهمتم لماذا كان العنوان الفولاذ ثلاثة في واحد والذي يحيلنا الى المتوجات غير المدروسة من نوع الاثنان و الثلاثة والعشرة في واحد
ولكي نكون عمليين تقترح الجمعية أن يتحرك المواطنون في هذا المجال ويحسوا على الأقل بخطورة وضعيتهم الصحية ووضعية عمال الفولاذ وهو موضوع آخر سنأتي عليه حتما في مقال آخر الا ان المهم هو المبادرة بالوعي وطرح المسألة للحوار والحل سياتي بالضرورة  
 

1 commentaire: